أشداء على الكفار رحماء بينهم (الجزء1)
السبت فبراير 12, 2011 9:32 pm
أشداء على الكفار رحماء بينهم
د.ناصر بن يحيى الحنيني
الحمدلله الهادي إلى سواء السبيل ، والحمدلله أقام على الأمة الحجة وأوضح لها الدليل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وليس له من خلقه نظير ولا مثيل ،والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله خير خلق الله والهادي إلى أفضل سبيل، وعلى آله وأصحابه الذين مدحهم الرب جل وعلا في محكم التنزيل { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } ، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الحساب على كل صغير وجليل أما بعد :
أيها المسلمون : إن من دعائم هذا الدين العظيم ، وأسُسِه المتينه ، ومبانيه القويمه ، ما شرعه الله عزوجل من وجوبِ التراحم والتلاحم ، ونبذِ الفرقة والتشاحن ، فالمؤمنون أخبر الله عنهم بقوله { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } ، والله عزوجل لما مدح خير الخلق بعد الأنبياء وهم الصحابة الكرام ، البررة الأطهار ،كان أخصَّ صفة اتصفوا بها ، والوسام الذي شَرُفوا به ، والعنوان الذي عُرفوا به هو التراحم بينهم فقال عز من قائل حكيم { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً } وتأمل كيف قدم تراحمَهم على عبادتهم وتهجدِهم وابتغاءِهم الفضل من الله ، بل إن الله جل وعلا في غير ما آية بين أن أساس علاقة المسلم بأخية المسلم لها من القدسية والمكانة ماليس في أي علاقة مع أحد من البشر فقد قال جل وعلا في محكم التنزيل :{ فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه } ماهي أعلا وأسمى صفاتهم { أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولايخافون لومة لائم } ،يقول ابن كثير رحمه الله عند هذه الآية : "هذه صفات المؤمنين الكُمَّل ، أن يكون أحدهم متواضعاً لأخيه ووليه ، متعزِّزاً على خصمه وعدوه ، كما قال تعالى { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } ، وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه (الضَّحُوك القَتَّال ) فهو ضحوك لأوليائه قتَّال لأعدائه "أ.هـ ، والله سبحانه أكد وبين أن أساس العلاقة بين المسلم والمسلم والمؤمن والمؤمن هي الأخوة الإيمانية فقال جل وعلا :{ إنما المؤمنون إخوة } ، وأعظم نعمة امتن الله بها على أفضل مجتمع وهو مجتمع الصحابة رضي الله عنهم نعمة الأخوة الإيمانية { فأصبحتم بنعمته إخوان} ، ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه ).
أيها المسلمون: لهذا كله فإن شريعة الإسلام حرمت وجرمت كل عمل يضاد هذه الأخوة وهذه الرحمة بين المؤمنين ،كل عمل يفت في عضد هذه الأمة المباركة المنصورة ، وقد أعلن هذا المنهج المصطفى صلى الله عليه وسلم في يوم الحج الأكبر في آخر حياته فقال (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ) فهو حرام بنص كتاب الله وسنة المصطفى نصاً صريحاً لا يقبل التحريف ولا التأويل ولا التلبيس وبإجماع الأمة بل وأصحاب الملل والأديان كلها ، ومن اعتقد حل دماء المسلمين فقد استحل أمراً معلوماً من الدين بالضرورة وهذا يعتبر مكذباً بالكتاب وبما تواتر في السنة بلا ارتياب .
أيها المؤمنون : إن هذا الحادث الأليم وما سبقه من أحداث ونسأل الله أن يلطف بنا في الأيام القادمة يستوجب منا أن نقف بعض الوقفات مع استحضار ما سبق من المسلمات التي لا يجوز أن يكون لدى أي مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أدنى شك فيها ولا ارتياب ،ويمكن أن نوجز هذه الوقفات فيما يلي :
الوقفة الأولى : يقول جل وعلا :{ ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيم} ، والنبي صلى الله عليه وسلم تواترت عنه الأحاديث في حرمة دماء المسلمين فقد قال صلى الله عليه وسلم : (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم : (لايزال الرجل مُعْنِقاً صالحاً مالم يصب دماً حراماً ، فإذا أصاب دماً حراماً بلَّح ) (قوله مُعْنِقاً: خفيف الظهر سريع السير ، وبلَّح : أعيا وانقطع ) ،ويقول أيضاً: (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم ) ، وفي الحديث الآخر : (لو اجتمع أهل السموات والأرض على قتل رجل مسلم لأكبهم الله في النار)، وقال صلى الله عليه وسلم : (من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينية آيس من رحمة الله ) وقد كان ابن عباس يرى أنه لا توبة للقاتل عمداً لمؤمن وهذا صح عنه كما في البخاري، وجاء عند الإمام أحمد وغيره عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس أن رجلاً أتاه فقال : أرأيت رجلاً قتل رجلاً متعمداً ؟فقال : { جزاؤه جهنم خالداً فيها } الآية ، قال : لقد نزلت في آخر ما نزل مانسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومانزل وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ؟، قال : وأنَّى له التوبة وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (ثكلته أمه رجل قتل رجلاً متعمداً يجيء يوم القيامة آخذاً قاتله بيمينه أو يساره ، وأخذاً رأسه بيمينه أو بشماله ، تَشْخُبُ أوداجُه دماً في قُبُل العرش ،يقول يارب : سل عبدك فيم قتلني ). وهذا أمر لا يحتاج إلى كثير كلام حوله فهو معلوم لدى كل فئات المجتمع ولكن عندما تختلط الأمور وتغلب العاطفة العقل والعلم فلا تسل عن طرق الهلكة والغواية نسأل الله السلامة والعافية ، فيجب على كل امرئٍ مسلم عاقل أن يتورع أن تتلطخ يده بدماء المسلمين الطاهرة أما يكفي الجروح النازفة في فلسطين والعراق والشيشان وأفغانستان وكشمير ، اللهم ارحم موتى المسلمين وتقبلهم في الشهداء وارفع منزلتهم في عليين يا أرحم الراحمين ،أيها المسلمون : إن قتل المسلمين والأبرياء المعصومين يضاد كل معاني الرحمة والمودة والأخوة التي جاء الإسلام لتوطيدها وتأكيدها وغرسها في قلوب المسلمين حتى يصبح مجتمعاً قوياً متماسكاً .
الوقفة الثانية : يقول جل وعلا: { ومن يرتدد منكم عن دينه فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم } فجيل النصر الذي وعدهم الله بالنصر والتمكين من أبرز صفاتهم أنهم أذلة متواضعين محبين للمؤمنين ، فإذا أردنا النصر والتمكين علينا بهذا الشرط وهذه الصفة ولن يكون نصر وبعضنا يقتل بعضاً وبعضنا لا يرحم بعضاً، إن النصر لن يكون إلا إذا كانت الأمة متماسكة مترابطة ولهذا لما ذكر الله قتال المؤمنين للكفار ذكر هذا الشرط فقال سبحانه : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص } فيا شباب الأمة يامن تغلي قلوبكم حرقة على ما يمر بالأمة من هجمات ظالمة من قبل أعداءها لا تخطئوا طريق النصر على أعدائكم لا توجهوا سهامكم إلى إخوانكم في الدين والعقيدة ، وفروا وقتكم وجهدكم ومالكم في مواجهة الخطر المحدق ببلدان المسلمين لا تنقلوا المعركة إلى دياركم الآمنة التي تقام فيها الصلوات ويعبد الله فيها ويدعى فيها إلى الله فالحذر الحذر والمؤمن كيس فطن ، والله هو الهادي إلى سواء السبيل .
الوقفة الثالثة: يقول المولى جل وعلا : { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقو} ويقول جل وعلا : { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } ويقول سبحانه { ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم } ويقول سبحانه :{ إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء } .
- أم سلوانAdmin
الجنس :
عدد المساهمات : 5571
العمل/الترفيه : القراءة والأشغال اليدوية
رد: أشداء على الكفار رحماء بينهم (الجزء1)
الأحد فبراير 13, 2011 1:46 am
مواصلين معاك اختي بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء
- روضةالمراقبة العامة
الجنس :
عدد المساهمات : 5507
العمل/الترفيه : الانترنت
رد: أشداء على الكفار رحماء بينهم (الجزء1)
الأحد فبراير 13, 2011 4:50 pm
جزاكي الله خيرا يالغالية مضوضع غاية الاهمية جعله الله في ميزان حسناتكي
رد: أشداء على الكفار رحماء بينهم (الجزء1)
الأحد فبراير 13, 2011 5:47 pm
تشرفت بتواجدكما العطر غاليتاي الله لا يحرمني منكم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى