وحدة المسلمين هدف أسمى
+2
روضة
ذوالفقار سيف الامام علي
6 مشترك
- ذوالفقار سيف الامام عليعضو جديد
الجنس :
عدد المساهمات : 42
العمل/الترفيه : وقل اعملوا فسيرى الله عملكم
وحدة المسلمين هدف أسمى
الثلاثاء مايو 03, 2011 1:11 am
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا، من يهده الله تعالى فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين ، محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين الكرام الأتقياء الأنقياء البررة.
وبعد.....
فإن الله تبارك وتعالى قد ختم بنبي الرحمة محمد عليه الصلاة والسلام رسالات السماء إلى الأرض، وجعل هذا الدين المكتمل القيم خاتم الأديان، ولم يقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ودين الاسلام مكتمل لا نقصان فيه، يقول تعالى :
الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا
وبسبب خاتمية هذا الدين وكماله واشتماله وهيمنته على كل ما سبقه من رسالات السماء، فليس يقبل الله غيره من العباد يوم القيامة، فيقول تبارك وتعالى:
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
ولأن النبي عليه الصلاة والسلام قد أتم بلاغ هذا الدين إلى الناس كاملا غير منقوص، فإن من واجب الأمة التي نزلت عليها تلك الرسالة الخاتمة الكاملة إقامة هذا الدين، والاعتصام بحبله دينا واحدا كاملا لا اختلاف فيه، فيقول تعالى:
وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
ويقول جل شأنه أيضا :
شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ
فإقامة دين الإسلام دينا واحدا لا فرقة فيه ولا خلاف هو من أجل وأولى ما افترضه الله على عباده المؤمنين، بل وصف رب العزة تبارك وتعالى الاختلاف في الدين وتبديله أو الانحراف به عن مقاصده بالبغي، ووصف الاصرار على ذلك بعد تبيان الآيات من الله بالكفر، قال تعالى:
إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ
وقد حذر الله هذه الأمة من مغبة الاختلاف في الدين، وعدم الانصياع لآيات الله البينات اتباعا لهوى النفس أو طمعا في حظوظ الدنيا، وبشر الذين يسعون في سبيل الفرقة والاختلاف بالعذاب العظيم يوم القيامة، فيقول جل شأنه:
وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٌ
بل إن الله تبارك وتعالى قد وصف هؤلاء الذين تفرقوا بالدين مذاهبا وشيعا بالشرك، لا بعدم كمال الدين فحسب، فيقول ربنا تبارك وتعالى:
مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلوةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبرأ من مثل هؤلاء السابقين الذين ضربوا أسوأ مثل لتضييع دين الله بالتفرق والتشيع، فيقول تبارك وتعالى:
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
إن وحدة الأمة واعتصامها بدين واحد يجمعها لا فرقة فيه ولا خلاف ولا تشتت ولا تشيع لهي أولى الفرائض التي تعبد الله بها هذه الأمة الخاتمة، وهي مدار بقائها و فلك ديمومتها أمة وسطا شاهدة على غيرها من الأمم، قائمة برسالة السماء إلى الأرض، مستحقة أن تتصف بخير أمة أخرجت للناس.
أما أن تختلف الأمة فيما آتاها الله من بينات واضحة، وتتحزب فيما بينها لشتى الأسباب والتي تبدأ دنيوية محضة، ثم ترتدي مع الأيام رداء الدين، فتصبح أديانا وشرائع ومللا ونحلا داخل الدين الواحد، فهو الهلاك المحض، والكبوة التي لا قيام منها، إلا أن يستبدل الله أقواما بآخرين.
إنا لتحزب إذا ما ارتدى زيه العقائدي اصبح سما نقيعا لا شفاء منه، ولا رادع لغائلته مهما تعددت سبل المداراة، وطرق التخفي، وأساليب المواربة، فتنموا داخل الأمة الواحدة أسوأ عادات الكذب، وأردأ مكتسبات النفاق، وأبشع صور التقية خوفا من سطوة البشر، فيخفت صوت الحق رويدا رويدا بتداول الدول، وتعاقب الغلبة لحزب على حزب، فلا يبقى من الدين في قلوب الناس شئ، بعد أن اعتادوا كتمان الحق، والخضوع لسطوة الباطل، أو كتمان الباطل إذا ما تغلب الحق، وكل ذلك ضمن نسبيات متعددة، إذ لم يعد بين المتحزبين من يملك حقيقة الدين الكاملة، فقد فرح كل منهم بما احتواه معتقده ومذهبه من الحق، وطفق يكمل ما نقص عنده من الدين من هوى نفسه، أو أساطيرالتميز التي اختص بها حزبه، أو الاجتهادات الزائفة التي تخدم سياسته، وعندها يصبح الدين بضاعة عرض وطلب، وقراطيس تبدى، وأخرى تختفي، وترى الأمة تحسبها جميعا، وقلوب أبنائها شتى، ولقد حذرنا ربنا تبارك وتعالى من مغبة وجود مثل هذه العادات المقيتة داخل المجتمع الاسلامي عادات المداراة والنفاق والمواربة التي تصل إلى درجة الحلف الكاذب اظهارا لغير ما يعتمل في النفس، بل وصف سبحانه وتعالى مثل هذا المجتمع بالبله والعته، ينقض نهارا ما بناه عشية، وينقض عشية ما تعب في بناءه نهارا:
وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
ويوضح جل شأنه في صورة لمدى تعاسة ذلك الإنسان الذي استبد به الشطط في استبطان ما لا يجرؤ على البوح به خشية وتقية؛ متمثلة في ردة فعله البائسة بالغلو في الفساد إذا ما أنفك عن عين كل رقيب:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيوةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ
ومما يرثى له، ويدمي قلب كل غيور محب لهذا الدين أن هوة الشقاق والخلاف والتحزب والتشيع في الأمة المحمدية لا تكاد تلتئم من ظاهرها، حتى ينفرج باطنها عن قعرٍ هاوٍ إلى أعماق جهنم يبتلع قاتلا ومقتولا؛ بشرهما النبي الأعظم بالنار إذا ما التقيا بسيفيهما.
إن جراح هذه الأمة النازفة لم تجف منذ أن تخضبت بها بقاع دولة الاسلام إثر الفتنة الكبرى التي سعر نارها بوقود الكفر والنفاق رجال عقبة هرشى، الذين لم ينالوا من رسول الله مرادهم بقتله وشهد عليهم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، تلك الفتنة التي وقف الصديق رضي الله عنه قويا شامخا في وجهها، وتبعه الفاروق بابا مغلقا دونها أبى أن يفتح إلا أن يكسر، تلك الفتنة التي راح ضحيتها عثمان رضي الله عنه، وتبعه على درب الشهادة في أتونها إمام المتقين علي، ومن بعده وعلى دربه فلذتا كبد رسول الله صلى الله عليه وسلم حسنا وحسينا.
إن الفرق والأحزاب والشيع التي انبجس عنها رحم تلك الفتنة ما زالت هي هي لم تتغير ولم تتبدل إلى يومنا الذي نحياه، شيعة علي وجماعة معاوية وإن كانت قد تكاثرت وباضت وأفرخت فرقا وجماعات وشيعا ومذاهب أخرى، بل ازداد الأمر سوءا بتحول الخلاف الذي نشأ سياسيا ودنيويا بحتا إلى خلاف عقائدي ديني، تراكمت بفضله اجتهادات متضادة متنافرة، وعقائد مستحدثة فاسدة، وأحاديث كذب موضوعة خادعة، وكل فرقة تزعم أنها الفرقة الناجية المنصورة، وفي تصوراتهم أن تلك الفرقة التي عناها المصطفى ما هي إلا طائفة بعينها، لابد أن تتسمى وتمتاز وتختلف عن غيرها، لا كما تحددت وفق بساطة اللفظ المحمدي ووضوحه وشموله: " ما أنا عليه وأصحابي"، أمة واحدة، ذات مسمى واحد عظيم لدينها، دين الإسلام.
والتقريب بين المسلمين في تفكيرهم، واقتناعاتهم واتجاهاتهم وأهدافهم من أعظم مقاصد الإسلام ومن أهم وسائل القوة والنهوض والإصلاح، والدعوة إلى هذا التقريب إذا كانت بريئة من الغرض، ولا يترتب عليها في تفاصيلها ضرر يطغى على ما يرجى من نفعها، فإن على كل مسلم أن يستجيب لها، وأن يتعاون مع المسلمين على إنجاحها.
أما التطبيق السئ لحديث الطائفة المنصورة وهو ما درجت عليه كل الفرق الاسلامية وكلها بلا استثناء في انزال أنفسهم محل هذه الطائفة وإنزال من عداهم من المسلمين منزلة الأثنين والسبعين فرقة الهالكة فهو ما ليس عليه دليل ولا جاء به نص، فلم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه الطائفة اسمها الشيعة ولا قال أنهم الخوارج ولا حتى سماهم بأهل السنة والجماعة، ولكنه قال: ما أنا عليه وأصحابي، أمة واحدة ذات دين واحد، ومسمى عظيم واحد لهذا الدين: الإسلام.
أما أن تدعي كل طوائف المسلمين بلا استثناء أنه لن يدخل الجنة غيرهم، ومن ثم يبدأون في تكفير بعضهم البعض. فهو عين ما قالته اليهود والنصارى من قبل:
وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
صدق الله العظيم
نستطيع فقط أن نفهم الوضع اذا علمنا أن اليهودية والنصرانية هما مذهبان من مذاهب الديانة الابراهيمية الحنيفية ديانة الاسلام، صلح كل منهما أن يكون مذهب وقته واسلام زمانه.
وجاء القرآن ليوضح صحة المذهب الأول ويرد الناس إليه:
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين
ثم أما وقد جاء الإسلام برسالة خاتم الأنبياء والرسل عليه الصلاة والسلام، فلم يعد يصح مذهب آخر من مذاهب الحنيفية التي كانت قبله، ولا يصح لنا كمسلمين أن نضيف إليه مذاهب جديدة مستحدثة تأتي بعده.
أما من يحزب نفسه ويعين طائفته ويرضى لنفسه أن يتسمى بمسمى آخر غير كلمة المسلم فحسبه ما تسمى به، ولم يظلم غيره بل ظلم نفسه بحرمانها من النسبة الكبرى وصدق الله العظيم
وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ
الآية (81) من سورة النمل
وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ
الآية (53) من سورة الروم
إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا، من يهده الله تعالى فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين ، محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين الكرام الأتقياء الأنقياء البررة.
وبعد.....
فإن الله تبارك وتعالى قد ختم بنبي الرحمة محمد عليه الصلاة والسلام رسالات السماء إلى الأرض، وجعل هذا الدين المكتمل القيم خاتم الأديان، ولم يقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ودين الاسلام مكتمل لا نقصان فيه، يقول تعالى :
الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا
وبسبب خاتمية هذا الدين وكماله واشتماله وهيمنته على كل ما سبقه من رسالات السماء، فليس يقبل الله غيره من العباد يوم القيامة، فيقول تبارك وتعالى:
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
ولأن النبي عليه الصلاة والسلام قد أتم بلاغ هذا الدين إلى الناس كاملا غير منقوص، فإن من واجب الأمة التي نزلت عليها تلك الرسالة الخاتمة الكاملة إقامة هذا الدين، والاعتصام بحبله دينا واحدا كاملا لا اختلاف فيه، فيقول تعالى:
وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
ويقول جل شأنه أيضا :
شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ
فإقامة دين الإسلام دينا واحدا لا فرقة فيه ولا خلاف هو من أجل وأولى ما افترضه الله على عباده المؤمنين، بل وصف رب العزة تبارك وتعالى الاختلاف في الدين وتبديله أو الانحراف به عن مقاصده بالبغي، ووصف الاصرار على ذلك بعد تبيان الآيات من الله بالكفر، قال تعالى:
إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ
وقد حذر الله هذه الأمة من مغبة الاختلاف في الدين، وعدم الانصياع لآيات الله البينات اتباعا لهوى النفس أو طمعا في حظوظ الدنيا، وبشر الذين يسعون في سبيل الفرقة والاختلاف بالعذاب العظيم يوم القيامة، فيقول جل شأنه:
وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٌ
بل إن الله تبارك وتعالى قد وصف هؤلاء الذين تفرقوا بالدين مذاهبا وشيعا بالشرك، لا بعدم كمال الدين فحسب، فيقول ربنا تبارك وتعالى:
مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلوةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبرأ من مثل هؤلاء السابقين الذين ضربوا أسوأ مثل لتضييع دين الله بالتفرق والتشيع، فيقول تبارك وتعالى:
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
إن وحدة الأمة واعتصامها بدين واحد يجمعها لا فرقة فيه ولا خلاف ولا تشتت ولا تشيع لهي أولى الفرائض التي تعبد الله بها هذه الأمة الخاتمة، وهي مدار بقائها و فلك ديمومتها أمة وسطا شاهدة على غيرها من الأمم، قائمة برسالة السماء إلى الأرض، مستحقة أن تتصف بخير أمة أخرجت للناس.
أما أن تختلف الأمة فيما آتاها الله من بينات واضحة، وتتحزب فيما بينها لشتى الأسباب والتي تبدأ دنيوية محضة، ثم ترتدي مع الأيام رداء الدين، فتصبح أديانا وشرائع ومللا ونحلا داخل الدين الواحد، فهو الهلاك المحض، والكبوة التي لا قيام منها، إلا أن يستبدل الله أقواما بآخرين.
إنا لتحزب إذا ما ارتدى زيه العقائدي اصبح سما نقيعا لا شفاء منه، ولا رادع لغائلته مهما تعددت سبل المداراة، وطرق التخفي، وأساليب المواربة، فتنموا داخل الأمة الواحدة أسوأ عادات الكذب، وأردأ مكتسبات النفاق، وأبشع صور التقية خوفا من سطوة البشر، فيخفت صوت الحق رويدا رويدا بتداول الدول، وتعاقب الغلبة لحزب على حزب، فلا يبقى من الدين في قلوب الناس شئ، بعد أن اعتادوا كتمان الحق، والخضوع لسطوة الباطل، أو كتمان الباطل إذا ما تغلب الحق، وكل ذلك ضمن نسبيات متعددة، إذ لم يعد بين المتحزبين من يملك حقيقة الدين الكاملة، فقد فرح كل منهم بما احتواه معتقده ومذهبه من الحق، وطفق يكمل ما نقص عنده من الدين من هوى نفسه، أو أساطيرالتميز التي اختص بها حزبه، أو الاجتهادات الزائفة التي تخدم سياسته، وعندها يصبح الدين بضاعة عرض وطلب، وقراطيس تبدى، وأخرى تختفي، وترى الأمة تحسبها جميعا، وقلوب أبنائها شتى، ولقد حذرنا ربنا تبارك وتعالى من مغبة وجود مثل هذه العادات المقيتة داخل المجتمع الاسلامي عادات المداراة والنفاق والمواربة التي تصل إلى درجة الحلف الكاذب اظهارا لغير ما يعتمل في النفس، بل وصف سبحانه وتعالى مثل هذا المجتمع بالبله والعته، ينقض نهارا ما بناه عشية، وينقض عشية ما تعب في بناءه نهارا:
وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
ويوضح جل شأنه في صورة لمدى تعاسة ذلك الإنسان الذي استبد به الشطط في استبطان ما لا يجرؤ على البوح به خشية وتقية؛ متمثلة في ردة فعله البائسة بالغلو في الفساد إذا ما أنفك عن عين كل رقيب:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيوةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ
ومما يرثى له، ويدمي قلب كل غيور محب لهذا الدين أن هوة الشقاق والخلاف والتحزب والتشيع في الأمة المحمدية لا تكاد تلتئم من ظاهرها، حتى ينفرج باطنها عن قعرٍ هاوٍ إلى أعماق جهنم يبتلع قاتلا ومقتولا؛ بشرهما النبي الأعظم بالنار إذا ما التقيا بسيفيهما.
إن جراح هذه الأمة النازفة لم تجف منذ أن تخضبت بها بقاع دولة الاسلام إثر الفتنة الكبرى التي سعر نارها بوقود الكفر والنفاق رجال عقبة هرشى، الذين لم ينالوا من رسول الله مرادهم بقتله وشهد عليهم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، تلك الفتنة التي وقف الصديق رضي الله عنه قويا شامخا في وجهها، وتبعه الفاروق بابا مغلقا دونها أبى أن يفتح إلا أن يكسر، تلك الفتنة التي راح ضحيتها عثمان رضي الله عنه، وتبعه على درب الشهادة في أتونها إمام المتقين علي، ومن بعده وعلى دربه فلذتا كبد رسول الله صلى الله عليه وسلم حسنا وحسينا.
إن الفرق والأحزاب والشيع التي انبجس عنها رحم تلك الفتنة ما زالت هي هي لم تتغير ولم تتبدل إلى يومنا الذي نحياه، شيعة علي وجماعة معاوية وإن كانت قد تكاثرت وباضت وأفرخت فرقا وجماعات وشيعا ومذاهب أخرى، بل ازداد الأمر سوءا بتحول الخلاف الذي نشأ سياسيا ودنيويا بحتا إلى خلاف عقائدي ديني، تراكمت بفضله اجتهادات متضادة متنافرة، وعقائد مستحدثة فاسدة، وأحاديث كذب موضوعة خادعة، وكل فرقة تزعم أنها الفرقة الناجية المنصورة، وفي تصوراتهم أن تلك الفرقة التي عناها المصطفى ما هي إلا طائفة بعينها، لابد أن تتسمى وتمتاز وتختلف عن غيرها، لا كما تحددت وفق بساطة اللفظ المحمدي ووضوحه وشموله: " ما أنا عليه وأصحابي"، أمة واحدة، ذات مسمى واحد عظيم لدينها، دين الإسلام.
والتقريب بين المسلمين في تفكيرهم، واقتناعاتهم واتجاهاتهم وأهدافهم من أعظم مقاصد الإسلام ومن أهم وسائل القوة والنهوض والإصلاح، والدعوة إلى هذا التقريب إذا كانت بريئة من الغرض، ولا يترتب عليها في تفاصيلها ضرر يطغى على ما يرجى من نفعها، فإن على كل مسلم أن يستجيب لها، وأن يتعاون مع المسلمين على إنجاحها.
أما التطبيق السئ لحديث الطائفة المنصورة وهو ما درجت عليه كل الفرق الاسلامية وكلها بلا استثناء في انزال أنفسهم محل هذه الطائفة وإنزال من عداهم من المسلمين منزلة الأثنين والسبعين فرقة الهالكة فهو ما ليس عليه دليل ولا جاء به نص، فلم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه الطائفة اسمها الشيعة ولا قال أنهم الخوارج ولا حتى سماهم بأهل السنة والجماعة، ولكنه قال: ما أنا عليه وأصحابي، أمة واحدة ذات دين واحد، ومسمى عظيم واحد لهذا الدين: الإسلام.
أما أن تدعي كل طوائف المسلمين بلا استثناء أنه لن يدخل الجنة غيرهم، ومن ثم يبدأون في تكفير بعضهم البعض. فهو عين ما قالته اليهود والنصارى من قبل:
وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
صدق الله العظيم
نستطيع فقط أن نفهم الوضع اذا علمنا أن اليهودية والنصرانية هما مذهبان من مذاهب الديانة الابراهيمية الحنيفية ديانة الاسلام، صلح كل منهما أن يكون مذهب وقته واسلام زمانه.
وجاء القرآن ليوضح صحة المذهب الأول ويرد الناس إليه:
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين
ثم أما وقد جاء الإسلام برسالة خاتم الأنبياء والرسل عليه الصلاة والسلام، فلم يعد يصح مذهب آخر من مذاهب الحنيفية التي كانت قبله، ولا يصح لنا كمسلمين أن نضيف إليه مذاهب جديدة مستحدثة تأتي بعده.
أما من يحزب نفسه ويعين طائفته ويرضى لنفسه أن يتسمى بمسمى آخر غير كلمة المسلم فحسبه ما تسمى به، ولم يظلم غيره بل ظلم نفسه بحرمانها من النسبة الكبرى وصدق الله العظيم
وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ
الآية (81) من سورة النمل
وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ
الآية (53) من سورة الروم
- روضةالمراقبة العامة
الجنس :
عدد المساهمات : 5507
العمل/الترفيه : الانترنت
رد: وحدة المسلمين هدف أسمى
الثلاثاء مايو 03, 2011 10:11 am
ويقول الإمام مالك بن أنس - رحمه الله - : لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، اللهم إنا نسألك أن ترد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا ، ونسألك أن ترينا الحق حقا وترزقنا اتباعه ، والباطل باطلا وترزقنا اجتنابه ، وأن لا تجعله ملتبسا علينا فنضل إنك ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين .
- سارهمشرفة
الجنس :
عدد المساهمات : 2435
العمل/الترفيه : عمل الخير
رد: وحدة المسلمين هدف أسمى
الثلاثاء مايو 03, 2011 12:25 pm
- فارس الإسلامعضو مؤسس
الجنس :
عدد المساهمات : 1511
العمل/الترفيه : حب الله ورسولة
رد: وحدة المسلمين هدف أسمى
الثلاثاء مايو 03, 2011 1:26 pm
رد: وحدة المسلمين هدف أسمى
الثلاثاء مايو 03, 2011 11:39 pm
اللهم انا نسالك الهداية والسداد والصلاح والتقى لنا ولاخواننا المسلمين والمسلمات
- أم سلوانAdmin
الجنس :
عدد المساهمات : 5571
العمل/الترفيه : القراءة والأشغال اليدوية
رد: وحدة المسلمين هدف أسمى
الأربعاء مايو 04, 2011 6:04 am
اللهم زد أخوتي وأخواتي في هذا المنتدى الطيب المبارك هدى وتقى وبرا ونعمة، واهدنا اللهم جميعا صراطا سويا ودينا قيما، اللهم واجعلنا بذرة صالحة تأتلف حولها قلوب عبادك وتتوحد بفضل اخلاصها أمتك انك يا ربنا على كل شئ قدير.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى